دنيا العلاقات
مع وجود مشاكل كثيرة في العلاقات الزوجية والأسرية والعلاقات الأخرى المختلفة أصبح الناس في توتر وضغوط نفسية كبيرة جعلتهم يبحثون عن مخرج سريع بدون التكلف في البحث عن حلول مثلى لإعادة التوازن في تلك العلاقات ونجاحها نظرًا لأهميتها ولا تستطيع إلا الإستمرار فيها رغم الصعوبات إن لم تجد حل.
وفي ظل هذه المشاكل في العلاقات يخرج لنا حسابات في مواقع التواصل الإجتماعي تنادي بترك تلك العلاقات والبعد كل البعد عنها حتى لوكانت تلك العلاقة زوجية أو علاقة أخ مع أخته أو قريب أو صديق مقرب وكأن هذا الحل نزل من السماء فنجد بعض الأشخاص يتابعهم وينفذ تعليماتهم بشدة ويتفاعل معهم في البعد عن الأقارب أو الأصدقاء الذين لا يقدرونه أو يحترمونه على حسب تفكيره أو يعرفون قيمته الحقيقية وتجد أن هذه الحسابات لها متابعين يعجبهم هذا الحل السريع بقطع العلاقات والبعد عن الناس وعن مشاكلهم ويتغنون بذلك ويفتخرون أيضاً حتى بين أهلهم ولا يعرفون أنهم فقدوا أجمل شيء في الحياة وهي العلاقات الرائعة ..
كثيرون عندما يرون هذه التغريدات التي تمس الجانب المهم عندهم يتأثرون ويطبقون بدون تفكير وينسون أن هناك جوانب مهمة تحتاج للعلاج بدلاً من الهروب إلى هاوية العلاقات المقيتة.
ماذا لو سألنا أنفسنا: هل نحن أنبياء؟ أو ملائكة منزلة من السماء؟ وهل نحن سالمين من الأخطاء والأطباع السيئة؟ وهل نحن محسنون للظن؟ وهل نحن سالمون من الغضب والعصبية والردود السلبية؟ سنقول لا وبكل تأكيد والأفضل قبل أن نحاسب الناس نحاسب أنفسنا ونبحث عن أخطاءنا ونصلحها فكثير من المشاكل الزوجية والأسرية والعلاقات سببها مشاكل في مهارات الإتصال مع الآخرين وإحترامنا لهم وإستخدام مهارات الإصغاء وحسن الظن بهم فإصلاح النفس راحة تامة للفرد قبل أن يصلح غيره ولكن من يعترف بوجود أخطاء وسلبيات في تعامله مع الآخرين فقد وصل إلى نصف الحل بإذن الله ويأتي بعدها أساليب المعالجة الصحيحة للوصول إلى علاقات مميزة بإذن الله وقبل ذلك الشعور بالسعادة التي يفتقدها بلوم الآخرين ومعاتبتهم الدائمة سواءاً أمامهم أو بينه وبين نفسه حتى يشحن نفسه بشكل قوي وينفجر عند أول لقاء بينهم .
السعادة ليست في إنزواءك ووجودك لوحدك أو بين زوجتك وأبناءك فقط ولكن السعادة في حب الآخرين لك وتكوين علاقات جديدة ناجحة واستمرار العلاقات القديمة بشكل مميز لتكون غذاءً للروح وسنداً في الفرح والشدة وليس صحيحاً أنك تستطيع العيش لوحدك أو مع صديق واحد فقط يتحمل أخطاءك وينتظر الوقت المناسب للهرب وليس بالضرورة لكي تنجح العلاقات تحتاج إلى كثرة التواصل ولكن اترك إنطباعاً جيداً عن نهاية كل تواصل وأحسن الظن وطهر قلبك من الحقد والماضي والمواقف السلبية التي قد تحصل لكل فرد ولكن عين السخط هي التي تكبر تلك المواقف وتضخمها وتجعل الإنسان يغلي بداخله بعيداً عن التفكير والتعقل وقد يرسل رسالة نارية تنهي كل علاقة جميلة أو يرد على رسالة بسرعة قد تنهي آخر رمق لحياة هذه العلاقة.
من التقنيات الجميلة في العلاقات.. حدد نوعية العلاقة وعلى إثر ذلك تعامل مع هذه العلاقة بما يتناسب معها من تسطيح لهذه العلاقة، علاقة من نوع مخصص مثل الزمالة أو المجورة أو الصداقة أو على حسب الطباع ولكن لا تتعمق إلا مع من يستحق ذلك ويتحمل هذه الأعماق كي لا تغرق معه في بحر العلاقات .
سيأتي يوم من الأيام ولن تجد من يحضر لك مناسبة أو يزورك في مرضك أو يتبع جنازتك لأن رسالتك في الدنيا هي تصفية الحسابات مع الآخرين لذلك ستجد أن كلٍ قد أصيب بسهم منك إما كلمة جارحة أو غيبة أو عدم احترام أو عتاب شديد أمام الآخرين.
في عالم العلاقات نجد أن هناك من يبحث عنه الناس لحسن خلقه واحترامه للآخرين وكرمه وهدوئه وابتسامته الجميلة وقيامه بواجباته تجاه أقاربه وأهله وأصدقائه وجيرانه وقد يكون هذا الشخص غير متعلم لكن لديه كنز كبير من حسن الخلق الذي قلّ من يملكه، ويجد هذا الرائع نتائج حسن خلقه في الحياة الدنيا قبل الآخرة من حب الناس له ومواساته عند مرضه أو ذكرهم الحسن له في حياته وبعد مماته.. فازرع من الآن من يذكرك بعد مماتك ويدعو لك فأنت تستطيع ذلك بحسن خلقك وتواضعك ولن يكلفك ذلك سوى كف الأذى عن الآخرين.
الكاتب الأستاذ/ أنس بن محمد الجعوان.