بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

الاربعاء, 09 سبتمبر 2020 10:11 صباحًا 0 479 0
أطلال الدهشة ..
أطلال الدهشة ..

أطلال الدهشة ..


د. صلاح عبدالله العرابي


نهض بعد لحظة صمتٍ مدللّه لم تخشى حيرة الوقت أو ابتسامة أحلامه النادرة وحاول أن يعزف على أوتار لياليه حتى كادت مسامعه تئن بميلادٍ نائم على شهوة الإحتفال الذي ربما قد لايراه في محيط جمعه الغفير وكيف يكون له ذلك وهو المكين ! فلحظة مشرئبة عنانها سماء صافية انغرست بانتصاب أمامه دعته دون وعي منه بأن يقفز إلى الفضاء البعيد إلى فراغ الفجر الوليد فذلك البريق في عينيه لم يطفئه الزمن المتلعثم حينما خرج من استكانته يتخبط في تجاعيد المدينة متأبطاً من كانت تمده بالحياة ! عدة أضواء يحملها معه إلى حيث يرغب أن يستريح.. غضب ينشره على تقاسيم وجهه يحمله بذهول معه أينما تدرج قدماه إلى درجة التعجب.. ممن ياتُرى ؟ سؤال فارغ غير مطمئن لم يجد فرصة البحث في هديره يرزح تحت وطأة تفكيره لعل في تلك الأوجه العتيقة التي تسكن أمامه ومن خلفه وفي مداره نقطة معين تمده عن ما يبحث عنه. عجَّل في خطاه على غير ما اعتادت به وقد شخَّص قبل ذلك نظره إلى من كان في تلك الشرفات البارزة بخجل ربما كان يخشى في تلك البرهة العابرة من خديعة السقوط التي اعتاد عليها أو ربما من حقيقته المتربصة به أحياناً بالرغم من صلابة أروقة الظل في الأسقف التي كانوا يتمايلون عليها ذات اليمين وذات الشمال وبالرغم من اضاءتها الخافتة الباهتة وبهجة مراكنها الفرحة التي كانت تمده بالدفء كل الدفء لتلك الأزهار والورود التي كانت مزروعة بانتشاء في جوفها .. لم يحدث ماكان يخشاه آنذاك.. وأخذ معه خطواته الثقيلة إلى حيث ما كانت وجهته مجرورة بإرادته وان كان يتمنى أن يراها قاحلة من غير أعينهم أو أنوفهم أو حتى جبهاتهم وبصماتهم .. كان يشتهي أن ينظر إليها وهي مغطاة برداء الليل وحيده فقط مع جدائلها الفطرية التي تشع جمالاً وفتنة وهي في تلك البوتقات البرونزية المتشحة بالخضرة وألوان الطيف..تلكأ قليلاً وهو يحاول أن يمسح عن جبينه ذرات الماء التي انهمرت عليه وهو بعيد عن منتصف الطريق بالرغم من ذلك النسيم العليل الذي كان يداهمه بين الفينة والأخرى ويحاول أن يغتاله بشوق من بين كل العابرين. استمر في وحدته مع جسده الذي بدأت ندوب الحياه تذوب عليه بكل رفق واتجه بكل ارتعاشاته الحازمة إلى حيث ماكان يجلب له الفرحة عن بُعد متأبطاً وريقاته المعدودة أو ربما المعدومة من أطراف الحقيقة. حاول وهو كذلك أن يتعجب.. سؤال يموء بظل ثقيل يدور في مخيلته.. وقف قليلاً ونظر إلى ذلك المكان الذي يأمل أن يكون فيه وقد رآه بأبعاد ثلاثية واضحة ربما تبث في النفس البشرية السوية الرعب والحيرة وهو يتأمل تلك الجثث الضخمة غير الهامدة والتائهة والتي تعبر تلك الأزقة الضيقة وهي محشورة تبحث عن لقمةٍ آتية في تصفية شاملة بالرغم من حقيقتها الغائبة ومن أحلامها الضائعة واذا حاز التعجب على رضاه وبلغ مداه فهل تكون تلك صفقةُ عادلة في ظل هواجسنا الآفلة وتضاريس جماجمنا القاحلة ؟ أم أنه الهوان ببسمته المقيتة يقرع باب أرجلنا وهي تئن بضيق طويل تحت أسياخ التأويل وثرثرة الأمل  ! أم أنه صدى الضمير المستتر والشاذ عن مناداة الريح وصوت المطر عن مناداة الصمت وهو بالكاد يعبر من بين الشفاه حاملاً معه كل أجفان البحر تلك الأجفان التي يفتت رماد ليلها أنين الطين وزغردة الحجر !!! .

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق