العلاقات الإنسانية و مشكلة المشكلات
حين تدخل في علاقات إنسانية تصادمية عند كل منعطف ، و تتأكد حين يرى كل طرف أنه على صواب والآخر على خطأ.
و إن حاول طرف ما يود المحافظة على شعرة معاوية أن يتموضع في الجهة المقابلة ليرى ما يراه الآخر ،ويحكم بحكمه ويقتنع بحجته أو يتفهم رؤيته ، يجد أن بعض الأمور والمواقف لا يمكن أن تُرى إلا من وجهة واحدة صائبة عقلا ومنطقا و واقعا ودينا وعرفا ونظاما .
قد نلتمس الأعذار ، ونتفهم المواقف ونجد المبررات. ولكن تكرارها على ذات المنوال أو خلافه ، يضعف الحجة و يفقد المعذرة قوتها وبرهانها وحجتها .
إذ يكون البعض بعقلية قاتلة ،مقتنع بصواب ما يفعله ، أو ما ينطق به ويعتنقه .. وكل ما يأتي به خارج المنطق والعقل ومناف للواقع و الحقيقة .أو معارض للأنظمة والقوانين والشرائع .
والأنكى من كل هذا وذاك أنه يجد من يحفزه ويشجعه على سوء فعله ..و سوء خياراته.. وسوء قراراته ، يصفق له ويزين له الأمور ويصورها بما يدغدغ مشاعره ، وينمى غروره و يناور طموحاته، فيمضي أشد ضررا من قبل .
أن تلتمس لأخيك سبعين عذرا .. لا بأس فهو سنة نبوية واسوة حسنة وخلق قويم يدعونا ديننا الحنيف إليه .
وأن تتفهم مبررات الطرف الآخر في موقف او عدد من المواقف لا بأس .. فكلنا معرضون للظروف وتقلب الأحوال ، و اتخاذ قرارات أو مواقف تبعا للحالة النفسية أو المجتمعية والعملية.. فالتقبل والمواساة والتعاطف مطلب اجتماعي إنساني لا غنى عنه في العلاقات الانسانية نحتاجه جميعا .
وأن تخطىء مرة أو أكثر أمر وارد .. فكلنا خطآوون (كل آبن آدم خطَّاء وخير الخطائين التوابون )
ولكن إلى متى ..؟!
إلى متى ستتحمل أخطاء الآخرين وكل خطأ مدمر أكثر من الذي قبله ، وعليك أن تحتوي آثاره ومواجهة ردود فعل آخرين لن يحتملوا نتائجه ؟!
الى متى ستجد المبررات لمن يدعي أنه استوعب الدرس وسيراعي الحكمة في قراراته، أو اتباع المنطق و تحكيم العقل في أفعاله، ليفاجئك بموقف آخر يستفز غضبك ويستثير حفيظتك .
والى متى ينبغي أن تكون أنت المتفهم والمتعقل والذي يحتمل ما لا يُحتمل مراعاة لخاطر فلان أو فلانة وتقديرا لظرف علان أو علانة؟!
وإن التمست العذر وتحملًّت الآثار وتفهمت الأسباب و تجاوزت الموقف ..
هل ستعود العلاقات لجذوتها وألقها وجمالها وبراءتها وشفافيتها وعفويتها؟؟
لا بد من وضع الأمور في نصابها ، وإقامة ميزان العقل والمنطق ، و مراجعة النفس ومحاسبتها قبل أن تحاسب ، وتحري الدقة بناء على المعرفة ، ومراعاة الأحوال والأعراف ، ومخاطبة الناس على قدر عقولها ،وعدم الخوض في علاقات لا تجني من ورائها سوى تعب الأعصاب والتوتر والارتياب فيما وراءها وما قد تؤدي إليه لتستقيم الحياة .
الكاتبة /جمال بنت عبد الله السعدي- المدينة المنورة