بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

الأثنين, 08 نوفمبر 2021 03:38 صباحًا 0 492 0
الحيطان الواهية
الحيطان الواهية

الحيطان الواهية


بقلم / بشرى الحافظ - كاتبة ومؤلفة سعودية

 

١ - سرنا على شاطيء البحر .
اقترحت عليه أن نجلس قليلا ؛ لأنني كنت متعبا . وبعد أن جلسنا استندت على كتفه ، لم يُبد أي اعتراض ، بل تركني أفعل مايحلو لي ، فجأة توجه الموج نحونا ، وجدته لايستطيع المقاومة ؛ والبحر يجذبنا وأنا أحاول أن لا نغرق .. !

٢ - كنت أعشق تسلق الجبال .
ولكن الخوف كان يقف حاجزا أمام محاولاتي في تحقيق ذلك .
فوجدت أن أحدهم قد بدأ يتسلقه ؛ فواتتني الشجاعة ؛ خاصة حينما عرض علي المساعدة ، واستمر في التسلق ، وأنا معه .
فجأة هوينا ! حاولت أن أتمسك بأي نتوء بارز كي أساعده ، ولا أهوي معه ، ولكنني سقطت .. !

٣ - كنا نتنقل معا ، وكنت متمسكا بيد صديق ؛ حتى اعتدت على أن لا أسير إلا معه ! وفي أحد الأيام ؛ بدأنا نعبر الطريق الطويل سويا ، فتقدم ، وأنا خلفه ، بدأت السيارات بالتوافد سريعا .
وإذ كنا قد قطعنا بمرورنا منتصف الطريق ؛ أسرع ليتفادى وصولها إلينا ، فأفلت بذلك يدي ! وبقيت مرتبكا ، مترددا بين التقدم ، والتراجع ، وإذ بسيارة تصطدم بقدمي .. !

٤ - كنت كلما أردت أن أُقدم على أمر ما ؛ ذهبت لاستشارة الآخرين . 
وفي إحدى المرات ؛ كان علي اتخاذ قرار مهم يتعلق بحياتي ؛ ولم أجد شخصا أسأله ، فبقيت حائرا ، متخبطا ، وأضعت الوقت ، ثم لم أُحسن اتخاذ القرار .. !

٥ - كان منزلنا في الطابق العلوي لبناية مرتفعة ؛ من عدة طوابق . 
وكنت أعاني من صعوبة قدرتي على صعود السلالم ؛ وأنا أحمل الأشياء . 
مرة رآني جار لنا ؛ فعرض علي المساعدة ، ثم بدأ هذا الأمر يتكرر حتى اعتدته !
وفي إحدى الليالي عدت للمنزل ؛ ومعي أحمال لا أستطيع الصعود بها وحدي ، ولم أجد أحدا ، حتى جاري كان قد سافر ! ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني في الصعود .. !

٦ - كنت شخصا خجولا .
وفي أحد المواقف أصابني الارتباك ! حينها تقدم نحوي شخص ؛ سألني عما بي ؟! ولم لا أتحدث ؟! فأخبرته عن السبب ؛ فقرر مساعدتي ؛ وتحدث بدلا عني ؛ وبذلك استطعت تجاوز ذلك الموقف بسلام !
وتكرر ذلك كثيرا . لكن الذي حدث بعدها ، أنني لم أعد أتحدث إلا بصوت منخفض ..!

٧ - وقفت أمام الباب الكبير . 
كنت شخصا ضئيل الحجم ، ضعيف الرؤية ، لدي مشكلة في السمع ؛ مع إصابة في قدمي ؛ تركت أثر عرج يسير في قدمي ، وكنت أعاني كذلك ؛ من أنني لا أملك القدرة على ترتيب الكلام .
فكنت آتي دائما إلى ذلك الباب ؛ فأطرقه كثيرا  ؛ ثم أجلس مستندا عليه حتى وإن تأخر فتحه ؛ كنت أثق بأنه سيُفتح لي !
لم أطلب إلى أي أحد أن يقوم بذلك بدلا عني .
حتى وإن لم أجد ردا ؛ لم أكن أعود أدراجي ؛ بل كنت أجلس منتظرا فتحه !
مرت الأيام ؛ وها أنا ذا ؛ بعد أن سرت على الشاطيء ؛ جلست على الرمال أرسم بأناملي ، ولما توجه الموج نحوي بشدة ؛ تماسكت كي لايجذبني البحر ، فكنت أحاول العودة للوراء نحو الشاطيء حتى نجوت من الغرق !
فزت أخيرا في مسابقة تسلق الجبال ؛ بعد أعوام من المحاولات .
تعلمت ألا أعبر الشارع إلا من المكان المخصص ؛ وفي الوقت المناسب .
أصبحت من صناع القرارات المتعلقة بحياتي.
وسكنت في منزل جميل ؛ يقع في طابق أستطيع الوصول إليه دون مشقة .
تدربت كثيرا حتى غدوت بارعا في لغة الحوار ، والتواصل مع الآخرين .
كل ذلك حدث بعد أن اعتصمت بالله تعالى ؛ واستندت عليه سبحانه ؛ ثم على ذاتي . 
وكان جل في علاه هو ملجأي وملاذي ؛ ومسبب الأسباب ؛ ومسخر الخلق ؛ لتيسير أموري .

تأمل :
اليد الممتدة لله الكريم المنان ؛ ممتلئة بالعطاء ، قوية لأنها متمسكة بحبله المتين .

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق