بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

السبت, 10 أغسطس 2019 05:14 صباحًا 0 621 0
ذكريات عيدنا في قرية العقدة..
ذكريات عيدنا في قرية العقدة..

ذكريات عيدنا في  قرية العقدة 


الكاتب/  .د فيصل بن معيض السميري 


بإذن الله تعالى يحل عيدالاضحى المبارك  لهذا العام يوم الاحد الموافق ١٤٤٠/١٢/١٠ ،  فتعم الفرحة الجميع في كل اصقاع العالم الإسلامي وأولهم حجاج بيت الله الحرام ، الذين ينعمون بشرف الزمان والمكان  نسأل الله القبول وينعمون في نفس الوقت بما قدمته المملكة العربية السعودية من خدمات ومن ضمنها خدمة الهدي والأضاحي لحجاج بيت الله الحرام . 

الاحتفال بالعيد والتعبير عن هذه الفرحة تختلف من مكان إلى مكان ومن بلد إلى بلد كل له طريقته في الاحتفال بعيد الاضحي المبارك ، ونحن في وطننا الغالي المملكة العربية السعودية نسعد بهذه المناسبة ونحتفل بها كل على طريقته في كافة حدود ومناطق الوطن الجغرافية .

قبل أن اسرد ذكريات العيد في (قريتنا ) أود أن اسرد  شئ عن هذه القرية ولماذا سميت العقدة ?

تبعد حوالي ٩٠ كم عن مدينة أبها،  و٤٠ كم عن محافظة سراة عبيدة ، و١٥ كم عن محافظة الحرجة ، سميت القرية بهذا الإسم ( العقدة ) وأنا اعتمد على التاريخ والروايات نظرا لما تم فيها من الإصلاح بين الناس وكثرة ماتم من عقد كثير من الاتفاقيات بين القبائل المجاورة ، كون التاريخ يشهد لهذه القرية انجابها لعدد كبير من الحكماء الذين كانوا قضاة عصرهم ، وكان لهم في نفس الوقت كاريزما تجعل من يلجأ اليهم يقبل  بما يقولونه ويحكمون به وبالتالي تنفيذه.

اعود للعيد الذي كان بين احضان الوالد والوالدة رحمهما الله تعالى واسكنهما فسيح جناته وجميع موتى المسلمين ، كبش العيد يتوفر في المنزل  منذ فترة،  و ثوب العيد من سوق الاثنين الواقع في محافطة الحرجة ، وبعض المرات يفصله الوالد  عند  ( علي بن سعد ) رحمه الله  والقماش مبرم .

 تصحينا أمي رحمها الله لصلاة الفجر يوم العيد وبعدها نلبس الثوب ونخرج في القرية متوجهين وابناء القرية  جميعا من عدة طرقات إلى مكان مكشوف في الوادي ( مجرى السيل) خلف المزارع بعيد عن المنازل ،  ونجد بعض الشيبان قد وصلوا رحمهم الله وفي مقدمتهم جدي لأمي رحمه الله أمام المسجد ونائب القرية ، يبدأ الجماعة بالتوافد لابسين أحسن الملابس وعند وصولهم (السلام عليكم يالمسلمين) ويجلسون  ويصلي معنا ناس من قبيلة آل سريع ( أهل عجور) رغم بعد المسافة ووعورتها إلا أن حضور صلاة العيد أساسي مع ابنائهم  ، كما يحضر الصلاة أهل  البادية الذين تواجدهم بالقرب من القرية ( القعم ) للاستفادة من المراعي لمواشيهم ، فالجميع يحرص على صلاة العيد كبار وصغار لا يتخلف أحد كون المتخلف  معروف .


تنتهي الصلاة  والخطبة ثم تبدا المعايدة في المسجد من الجميع بالسلام على بعض مهما كانت درجة الخلاف ، فالعيد لا يخضع لأي شحناء أو خلاف بين بعض ، ثم يبدأ الناس في الرجوع إلى المنازل من بين المزارع وفي الطرقات كل شئ جميل ينبئ  عن مظاهر  العيد،  الإبتسامة تعلو محيا الجميع مع ضيق الحال والعوز  وقلة المال إلا أن القلوب قريبة من بعض ، نحرص جميعا الكبار قبل الصغار على التواجد في القرية يوم العيد نظرا لما يمثله من قمة الصفاء والنقاء والمحبة .

افطار العيد بعد اداء الصلاة ... له مذاق غير كل البيوت القريبة من بعض إفطارهم  مع بعض فنحن نفطر في بيتنا ثم في بيت عمي رحمه الله  وكان اخي محمد هوالقيم رحمه الله ثم ننتقل إلى بين  عمي بن حسن ونفطر جميعا ثم إلى بيت آل هضبان ونفطر جميعا  ثم نفطر عند عجوز قريبة من بيتنا ندعيها أمي فاطمة وتكنى ( زحيفه)  لا نتركها  ابدا لا بد من ادخال فرحة العيد في كل بيت ، كل من ميسور بيته ، لا نعرف الحلاوة أبداً سوى مرة واحدة نسيب جارنا ابن هضبان يدعى / سعيد رحمه الله كان عسكري في شرورة  وجاب محله حلاوة وزعها علينا في أحد الأعياد  .

نبدأ في ذبح العيد ونساعد الوالد والوالدة رحمهما الله وعند الانتهاء من السلخ وإخراج ما بداخل ذبيحة العيد  يعلق في المجلس ، ونبدأ نزور جماعتنا في القرية واحد تلو الآخر ونعايد وهم كذلك مهما كانت البيوت متباعدة فالعيد حق وواجب نظهر إلى عند آل زيدان ونعايدهم وهم كذلك رغم تباعد المنازل .

يوم عيدالاضحى يوم كبير ونسميه العيد الكبير من بعد صلاة الفجر ونحن في فرح ومعايدة وسرور حتى يقبل الليل حيث كان ثلث ذبيحة العيد المخصص للهدية نعزم بعض فتجد أول ليلة عند واحد من الذي أفطرنا مع بعض والليل الثاني عند الآخر وهكذا حتى ننتهي فيصبح العيد خمس ليالي والبعض عندهم سبع ليالي ، ويبقى جزء من العيد نسميه ( قسم ) لمن عنده حاج أو له قريب لم يكن ضمن من افطروا مع بعض يوم العيد ، ويحفظ اللحم بعد أن يضع عليه الملح ويجفف في مكان عالي في البيت حيث لم تكن هناك ثلاجات ، وللمعلومية قد تطول فترة حفظ اللحم بهذه الطريقة وعند الاستعمال لذيذ جدا . 

هذا عيد زمان مع قلة المال وضيق الحال إلا أن الأنفس  كانت متسامحة مقتنعه  ومتحابة ، خاصة وهي تنعم بنعمة الأمن  ، وكان العيد في قرية العقد له مذاق خاص في وجود الوالدين  وجيل الحكماء والعراف التي انجبتهم هذه القرية الذي نعيش ذكرياتهم .
رغم ضيق ذات اليد وبسـاطة الأشـياء، إلا أنهـا لم تحجب صفـاء النفـوس، عكس مـا هو مشـاهد الآن، حيث أصبـح العيد عبئا اقتصاديـا في المبالغة بالشكليات فقط. والطامة الكبرى التي أفقدتنا فرحـة العيد مع ظهور وسـائل التواصـل الاجتماعي،  حيث اصبح الاكتفاء بالتهنئة والمعايدة عن طريق رسـائل الواتـساب  بـدل حـرارة اللقـاء .
همسـة أخيرة، للعيد فرحة ولكنها ذكريات، دعونا نعيش هذه الذكريات ، وكل عام وأنتم بخير  ومن العائدين الفائزين إن شاء الله تعالى  .
ذكريات لعل القاري يجد فيها شئ من عبق الماضي  ....... والسلام ،،،،،،. 

الخميس ١٤٤٠/١٢/٧

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق