وقفة مع الذات
تتعالى بين الحين والآخر نبرة الشكوى جراء زيادة تكاليف المعيشة و ارتفاع الأسعار، وليس في بلادنا فقط .. فالشكوى مستمرة ، و الزحام أيضا ملحوظ. ومع ذلك نجد المطاعم و المحلات و مراكز التسوق على كثرتها بكل مدينة مزدحمة جدا.
ومع الإقرار بما يشكو منه الكثير ، فهنالك ممن ينعمون بفضل من الله بالإمكانيات المادية يسرفون في الإنفاق، و يغالون بالمظاهر ويتباهون بما يملكون فضلا عما ينفقون .
و رغم ضيق ذات يد البعض ، تجد من يبالغ في الانفاق على الكماليات ، مجاراة لمن هم أثرياء فيسرف في أمور لا طاقة له بها، ،ولا يعيش في حدود قدراته من ناحية ، ومن ناحية أخرى لا يصبر ولا يجتهد في تحصيل الرزق ، أو لا يتقن عمله ولا يجتهد في الإحسان فيه و يميل للراحة .
ونحن كمجتمع مسلم حتما نؤمن بالقدر خيره وشره ، وبالرزق المقدر ، مع ضرورة الاجتهاد في تحصيله بالسبل الحلال، والصبر مع الدعاء ، والأخذ بالأسباب ، و التفاؤل بأن الغد أفضل.
فلكم عانى آباؤنا و أجدادنا ، و تحملوا شظف العيش و ظروف المعيشة الصعبة، و لم يحمِّلونا العبء ولم يجعلونا نشعر بالنقص و لم يحملونا عبء التضحية التي يقومون بها .
ولكننا كنا نلحظ ونشاركهم مشاعرهم ونراعي الظروف ، فلا نتطلب و لا نتطلع لما بين أيدي الناس ، و لا نرهقهم بالمقارنات .
فهذه أرزاق مقدرة ولكل نصيب فيما اجتهد.
وهناك من يحمل الدولة مسؤلية ما يعانيه من ظروف مادية .
تكاليف الحياة صعبة اكيد ولكنها تنقص وتزداد مع أسلوب إدارتنا لحياتنا
الدولة جزاها الله خيرا لم تقصر في إتاحة التعليم حتى مرحلة الجامعة ، والتي يصرف فيها مكافأة للطلاب والطالبات من ميزانية الدولة تحفيزا لطلبة العلم و على أعلى المستويات داخليا وخارجيا ، و لتأمين احتياجاتهم الأساسية ومساعدتهم في المصاريف
ونادرا ما نجد دولة تدفع مكافآت لطلبة العلم .
وبالنسبة للوظائف
و الدولة اتخذت من القرارات واقامت من المشاريع ما يوفر فرص وظيفية للمواطنين والمواطنات بعشرات الالاف
و بالواقع الدولة ليست ملزمة بتوظيف كل خريج وخريجة .
من لم يجد مجالا للعمل الحكومي فالمفترض به التوجه للقطاع الخاص و إثبات جدارته فيه وحسن اختيار تخصصه، أو لبناء عمل خاص به ، و لمن لا يتمكن من اختيار مجال يتفق مع قدراته و إمكانياته أقامت له الورش والدورات التدريبية ، لتأهيل شباب الاعمال وتأمين الدعم المادي والمعرفي ليتمكنوا من ادارة اعمالهم .
وبالتالي لا بد من بذل الجهد و الجدية في العمل و ليس من مسؤلية الدولة نجاحهم او فشلهم
وليس من مسؤلية الدولة ما يمارسه البعض من الهدر والإسراف على الكماليات أو ارتكاب المخالفات المرورية .
وليس من مسؤلية الدولة فشل المشاريع التي لا تلتزم بدراسات الجدوى ،وحسن الإدارة.
فالعمل الحر يحتاج الى صبر و إصرار وعزيمة ومثابرة حتى يؤتي ثماره كما الشجرة نزرعها وننتظر طرح ثمارها.
نسأل الله التوفيق لبلادنا في كل ماتسعى اليه وللمواطنين والمواطنات المتعلمين و لخريجي الجامعات وأصحاب الأعمال جميعا.
أيها الشباب
نحتاج الى وقفة من الذات لنضع النقاط على الحروف ، وليتحمل كل مسؤلياته .
لاتسأل ماذا قدم لي الوطن
بل قل لنفسك ماذا قدمت انا للوطن.
جمال بنت عبد الله السعدي