صحيفة صدى الحجاز
{ فنجان قهوة } ..
بقلم الكاتب : محمد المطلق
أجمل مايقدم ليَ الصباح، شروق الشمس، وهواء الشمال، وفنجان قهوتي، التي
تعودت عليها منذ كنت أرافق أمي رحمها الله، لزيارة جارتها، وتناول القهوة التركية ..
هذا الساخن الأسمر، يذكرني بالحِسان السُّمر، ويذكرني بشامة بوجه الحبيب
وظِلال المروج، وبكحلةٍ على جفون الغيد، وبكل اسمرٍ رقيق ..
وأشد مايغريني به، هو أنه لايُتَناوَل إلا رشفاً، ولا أتصوره إلا على نور الصباح
أو بجانب جريدةٍ، أو بيد قارئةٍ، تستجدي أفكارها الموغلة في الوهم، لتنقل خبراً
ما أنزل الله به من سلطان، تُزوِّجُ شابّاً، وتخطب فتاةً، وتفتح الطريق أمام الرزق ..
وتجلد العدو، وتثني على الصديق، لم تَرَ شيئاً من هذا، ولكنْ رجماً بالغيب ..
أعود إلى قهوتي أنا، فأقول يانكهة الصِّبا، وذكريات الحبيب الذي كان يشاركني
هواجسَ اليوم الذي سأقوم لمواجهته، بعد أن أفتح باب بيتي، أطلب الرزق لعيالي
لازال طعم القهوة، في فمي، يبعث النشاط في ذاكرتي، ويمسح آثار نومي، وخمولي
..
أعود إلى البيت، بعد عناءِ يوم حافلٍ بالأحداث، فأجد بقايا الصباح، ذابلةً على طاولةٍ
في حديقة البيت، لم تمسّها يد .. أتأمل فنجانيَ المائل على صحنه، وقطرات جافة
من قهوة الصباح حوله، تحيةً للشراب الأسمر، الذي يحدثني عن الجمال القديم ..
وتقبلوا تحيتي !!