عبدالله الحايطي - جدة
منذ افتتاح دور الضيافة والرعاية الاجتماعية التابعة لجمعية البر بجدة قبل حوالي 40 عاماً، كانت وما زالت تمثل علامة فارقة في تجسيد المعاني السامية للعمل الاجتماعي الذي يؤصِّل لمعاني التكافل المضمَّخة بالحب والتآلف والتماسك الذي يسترشد بمدلول الحديث الشريف: “أنا وكافل اليتيم كهاتين..” مشيراً صلى الله عليه وسلم بإصبعيه السبابة والوسطى.
لقد أدرك القائمون على الجمعية بمتابعة وحرص من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أن هناك أجيالاً من أبنائنا الأيتام ينتظرهم مستقبل مجهول إن لم يتم احتواؤهم ورعايتهم في حواضن أسرية بديلة ينطلقون من خلالها ليشقوا بأمان طرق المستقبل المشرق.. ويكونوا لَبَناتِ قوية في في هذا البناء الشامخ.
من هنا كان القرار الحكيم بافتتاح دور الضيافة (دار الشربتلي ودار الزهراء وشقق رجال المستقبل) لاحتضان هؤلاء الأيتام ورعايتهم وتقديم كل ما يحتاجونه وفق أحدث البرامج والأساليب التربوية البناءة، التي يتم من خلالها تعزيز العلاقات الاجتماعية للأيتام والمساهمة في دمجهم اجتماعياً، والتعرف على مواهبهم وقدراتهم الخاصة عبر تحفيز بؤر الكمون الإبداعية الرابضة في فطرتهم السوية واستنهاضها لتلامس جوانب عدة في المشاريع التنموية، فيساهموا في نهضة بلادهم كجزء أصيل من هذا الكيان الشامخ.
رعاية بأحدث الأساليب التربوية
ومن جانبه يقول المهندس محيي الدين بن يحيى حكمي مدير عام الجمعية: إن دور الضيافة ممثلة في دار الشربتلي الخاصة بالأبناء ودار الزهراء الخاصة بالفتيات ثم شقق رجال المستقبل، تُعنى برعاية الأيتام وفق أحدث الأساليب التربوية سعياً منها لبناء جيل مشبّع بأخلاق الإسلام وقٍيمه السوية، متسلحاً بالعلم والمعرفة.. لذا يتم توفير جميع الاحتياجات الأساسية للأبناء والبنات وتوفير الرعاية التعليمية والنفسية والاجتماعية والصحية لهم، إضافة الى تقديم البرامج الترفيهية والثقافية والرحلات الداخلية والخارجية، ناهيك عن تقديم دورات متخصصة لبعض الحالات من تأهيل حِرفي ومهني وتميز تعليمي مع تنفيذ مبادرات التدريب والتأهيل والتوظيف المهني.
شهادات عليا ومناصب قيادية
وقد بلغ عدد الأيتام الذين آوتهم جمعية البر خلال مسيرتها في دور الضيافة الثلاث نحو 900 يتيم ويتيمة بتكلفة تجاوزت 319 مليون ريال.
حيث تجد هذه الدور اهتماماً ودعماً كبيراً من الدولة حفظها الله ممثلة في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وقد أثبت أبناء الدُّور قدرات خاصة في خوض غمار الحياة التعليمية والعملية بفضل الدعم والمساندة التي يحظون بها، فحصل العديد منهم على أعلى الشهادات خاصة المبتعثين منهم، وتبوأوا أهم المناصب.. فقد حصل 82 يتيماً على درجة البكالوريوس و14 يتيماً على درجة الماجستير و3 حصلوا على الدبلوم.
ويضيف الحكمي: وحرصاً من الجمعية على المتابعة المُثلى لهؤلاء الأيتام تم تخصيص حوالى 46 موظفاً وموظفة موزعين بين الإشراف الاجتماعي والنفسي والإداري والرقابي، مدعومين بفرق عمل تقدم الخدمات المساندة كالصيانة والمواصلات، كما تم التعاقد مع عدد من الشركات المشغلة لخدمات الإعاشة والنظافة إضافة الى عيادة طبية للرعاية الصحية الأولية، ناهيك عن توفير التأمين الطبي للأيتام إضافة الى المصروفات اليومية والعيديات التي تهدف الى اضفاء أجواء من البهجة والفرح على حياتهم وبث السكينة والدفء الأسري في نفوسهم .
تيسير زواج اليتيمات
ويقول الأستاذ عبد الرحمن ضيف الله الزهراني مدير إدارة دور الضيافة والرعاية الاجتماعية:
إن العناية بأبنائنا الأيتام من البنين تسير بخط متوازٍ مع العناية باليتيمات في دار الزهراء، اللاتي يحظين بنفس برامج الأيتام، ويضاف لها حرص الجمعية على تيسير زواجهن وتقديم الدعم المادي والمعنوي لإتمامه متى ما توفرت المعايير والشروط الشرعية المطلوبة في المتقدمين للزواج منهن، وبعد أخذ موافقتهن على ذلك .
برامج نوعية
ويضيف الزهراني: لقد قدمت الدور عدداً من البرامج المميزة للأيتام ومنها برنامج (الأسر الصديقة) الذي يسعى الى بناء شخصية اليتيم ودمجه بالمجتمع، وكذا برنامج (الإعداد للمستقبل المهني) حيث يتم من خلاله متابعة الأيتام من سن 13 عاماً وإقامة دورات داخل الدار تتزامن مع زيارات ميدانية للأيتام لاكتشاف ميولهم وقدراتهم. إضافة الى بعض البرامج التي كان للجمعية دور أساسي في تبنيها ومنها مركز إيواء الأطفال المتميزين، وبرنامج الاستضافة المؤقت لأطفال السجناء ممن لا عائل لهم .
وما زالت الجمعية تحرص على تقديم المزيد من البرامج والأنشطة التي ترتقي بهذه الدور وبأبنائها الأيتام من الجنسين .