الموقد
الكاتب / عائض الأحمد
احترق الموقد وانطفأت الشموع وحلَّ الظلام وسكنت الأرواح وتعالت آهات نحيب صمت دام سنوات، تأهبت النجوم في سماء خرافة عقلها فأخذت تبرق حتى سلبتها ما كانت تملكه وعبرت شاطئ نهرها ثم نهرتها فذرفت مابقي من ماء حياتها "تحكيه" فقد كان أشبه بمولودها الأول وكأنها تحضنه تصب جام غضبها عليه، عله يفيق من غفوته وينشد معها لحن السكري الذي ذاقته في غفلة من زمن سرقها وأعادها لأحضان طبيعتها البكر، تسقي الأخضر وتنعت الباقي بفشل البقاء على فطرته اليانعة.
وتسوق الأحلام وترمقها بعين واحدة وكأن دوارا أصابها، لم تعد تبصر ولم تخنها بصيرتها، ظنت ذلك يأساً منها وتملقاً لما كان في ماضيها وحكايات القصر المهجور وسنين خلوتها التي طفت على أسطح الجميع وتحدث عنها أثرياء بلدتها باشمئزاز، فلم يكن لديها غير حجاب يستر ما بقي لها من غيرة.
خارت قواها ورفعت يد النصر مستسلمة لحدث جلل وإرث ترقبه، كما كانت تفعل حينما تعود من مدرستها حاملة أحلامها وصور ذاك المشهد الذي لم تجرؤ على الحديث عنه خوفا من تكرار ألمه وسطوة رهبته حينما انتزع منها انتزاعا.
عاد بها إلى جاهلية وأد الجمال، استحضر ماضيه وخرافات قرنائه وشتات أسراره في مستنقع سحر اللوحة، دون النظر لألوانها فاختلط الأبيض بأسوده فظهر الرمادي الذي ظل يخفيه سنوات دون أن يخبر سره أو يتفوه به حتى همسا.
ستعيش في غابتك وحيدا أن أردت محاكاة روح، لن تموت جوعاً ستفنى خلف صورك القديمة، تأتيك في هدوء وترحل في حزن، غايتك تبررها آفاق هالتك التي صنعتها وتصنعتها، فسمات شخصيتك استدعت هالة الأنوار واستمتعت بكل الفراشات المحترقة، ربما أنت أحدها.
يحاورك عشقا مشهرا سيفه ويشير بعلامات النصر لقد أسقطتك أرضا، وطمرت الرمال رماد أجسادنا وكأننا احترقنا وتسمرت أقدامنا طلبا للهيب لقاء الأجساد وتعانق الأرواح تحت جذوة ونفور المرقد وصلوة الموقد.
تتطاير أعيننا وتغيب عن الوعي كلما تذكرت، أحبك حد الموت وأتلذذ بك حد السقم، وأتمناك كقدر.
فورة بركان ينفث حممه وتلتقي شفتانا، فنغرس وتد السر، وتتصبب مياه الحياة وتذوب أطرافك فتتعثر خطواتك، وتسقط مرة بعد أخرى، ما هذا؟
طقوس قهوتي وأحد أسرار لذة الحياة، كلما حركتها بعنف أعطتني أجمل ما لديها.
عطفاً على بجاحة أفكارها وسقم تشخيصها سيظل "القرن" الذي يسكن فجوة رأسها وهي تدعوه لواقع أكبر من قدرتها فيصعب عليها الصراخ وتصعب اللاعودة حتى لو أرادت الهرب، محاكاة الألفاظ مرتبطة "بنية" الأفعال وليس بأقوال شاذة الأهداف.
ختامًا.. ليست كما تظن ولن تكون، تعايش معها كما هي وليس كما تريد.
*****
ومضة:
لن أقف في وضع المتهم لأنك لم تفهم.
يقول الأحمد:
تطلب المستحيل وتحاسبني عليه.. عدالة استبداد وحكم فَاشِيَّة.