الاعلامي والكاتب / عبدالله بخاري
في صباح يوم الثلاثاء، الموافق 26 ربيع الآخر 1446هـ (29 أكتوبر 2024م)، شاركت بمداخلة في برنامج “أنفاس الصباح” على إذاعة نداء الإسلام من مكه ، حول موضوع “أسباب قلق الاختبارات”، حيث تناولت الحلقة سؤالًا مهمًا: هل للآباء دور في زيادة قلق الأبناء أثناء فترة الامتحانات؟
بدأت المداخلة بشرح مفهوم قلق الاختبارات، الذي يُعرف بأنه شعور بالضيق والتوتر النفسي والجسدي قد يواجهه الطالب عند اقتراب موعد الامتحان. هذا القلق ناتج عن عدة عوامل، منها الرغبة في تحقيق التفوق، والخوف من الفشل، والتفكير في توقعات الآخرين. يواجه الطلاب ضغطًا نفسيًا كبيرًا في هذه المرحلة، مما قد يؤثر على أدائهم وقدرتهم على التركيز، خاصة إذا لم يجدوا الدعم أو التوجيه المناسب.
ثم انتقلت إلى توضيح أن للآباء دورًا كبيرًا في تفاقم هذا القلق، غالبًا بسبب حبهم الزائد وحرصهم الشديد على مستقبل أبنائهم. فالآباء يريدون الأفضل لأبنائهم، ويسعون جاهدين لرؤيتهم يحققون نتائج مميزة. ومع ذلك، حين تزداد توقعاتهم، قد يُشكل ذلك ضغطًا على الأبناء، لأنهم يشعرون بضرورة تحقيق هذه التوقعات بأي ثمن، وهو ما قد يزيد من توترهم. فكل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده، وهذا ينطبق على الحرص الزائد الذي قد يولد مشاعر سلبية لدى الأبناء.
التوجيه الفعّال لتجنب القلق الزائد والفشل
في حديثي عن كيفية التعامل مع هذا القلق، أشرت إلى أهمية أن يوجه الآباء أبناءهم بأسلوب يشجع على التخطيط الجيد والإعداد المبكر للاختبارات. فالاستعداد الجيد، من خلال توزيع الوقت بشكل مناسب وتحديد أولويات الدراسة، يساعد الأبناء في اكتساب الثقة بأنفسهم، ويمنعهم من التشتت. وعندما يضع الطالب خطة محكمة، فإنه يقلل من احتمال الوقوع في الأخطاء أو الشعور بالضغط أثناء الاختبار. وبدلاً من التركيز على القلق والخوف من الفشل، ينبغي أن يركز الطلاب على العمل والاستعداد بطريقة منهجية.
القلق بمعدله المعقول: محفّز لتحقيق الأفضل
من المهم أن نعلم أن القلق مفيد أحيانًا إذا كان بمعدل معقول، فهو يعمل كحافز يدفع الطلاب للاستعداد بشكل أفضل والتركيز على تحقيق أهدافهم. لكن حين يتحول إلى توتر زائد، فإنه قد يؤدي إلى ضعف التركيز، والتشتت الذهني، وارتباك الإجابات أثناء الاختبار. يجب أن يعرف الأبناء أن هدفهم هو تقديم أفضل ما لديهم دون ضغط زائد، وأن عليهم أن يكونوا واقعيين تجاه نتائجهم. وإذا حدث فشل في بعض الأحيان - وهذا أمر وارد في حياة كل إنسان - فلا يعني ذلك نهاية الطريق، بل هو فرصة لتعلم الدروس وتصحيح الأخطاء.
الرسالة الأهم: التفوق الحقيقي يكمن في الاستمرارية.
اختتمت مداخلتي بتوجيه رسالة أساسية، وهي أن الامتحانات الدراسية محطات تعليمية مؤقتة، وأن التفوق الحقيقي يأتي من التطوير المستمر والتعلم من التجارب، حتى في حالة الفشل. وأن النجاح الأكبر والأعظم هو النجاح في الحياة الآخرة، حيث يكون الاختبار الحقيقي هو في تقوى الله والعمل الصالح.
وهذا النهج في التعامل مع القلق والضغوط يعزز من قدرة الأبناء على مواجهة مختلف تحديات الحياة، ويزرع فيهم الثقة والمرونة. وهذا ينعكس على جميع مراحل الحياة، إذ يصبح لديهم مهارات التعامل مع الضغوط بفعالية، والتخطيط نحو الأهداف بدون قلق مفرط، ما يساعدهم في اتخاذ قرارات أفضل والنجاح في مختلف جوانب حياتهم.
بإمكان الآباء، من خلال تقديم التوجيه والدعم النفسي، مساعدة أبنائهم على تخطي هذه الفترات الصعبة بروح مليئة بالإيمان والطمأنينة.