بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

الخميس, 30 أغسطس 2018 00:44 صباحًا 0 1118 0
جنب القدة: عندها أبكى
جنب القدة: عندها أبكى

جنب القدة: عندها أبكى
 بقلم الكاتب : شائع عداوي 

ذكريات مازالت في الذاكرة محفوظة ولن تغيب ، رغم أني كثير النسيان لكن هناك مواقف لم أنساها منذ 29عاماً ، وهي حياتي العملية في التعليم، ابكى عندها اتذكرها ، تخرجت معلماً ، تعينت في مدرسة العمامي في فيفاء ، وهذا ليس حديثي انما سأذكر لكم جزء من المعاناة ،

المدرسة تقع على هضبة لها طريقين ، الأول نزول على الحجارة والمدرجات لمدة ساعة ، والثاني طلوع وتسلق الجبال وايضا ساعة منطقة خاوية لايوجد بها سوى ساكنيها ، ولكم أن تتصورو ، شخص قادم من مجتمع ومدينة وقرية ويقابل عشرات الاشخاص في يومه ، وفجأة يعيش وزميله وحيدان في غرفة لا تلفزيون ولا جرايد ولا بقالات ولا خدمات ، وخرجت منها وانتقلت لمدرسة الحسيني الابتدائية ، وفيها تعلمت واكتسبت خبرة زملاء ، خبرتهم طويلة ، ومنهم من يعمل بشهادة الكفاءة ، ومنهم من درس في مركز تكميلي في الطائف بعد الابتدائي ، ومنهم من تعين قبل أكثر من خمسين عاما ، وفي مدرسة كالريان مثلا ويداوم على حمار ، ومن هؤلاء الاستاذ عبده قاضي ، واخية ابراهيم رحمه الله ،

في الحسيني (حيث عملت ثمان سنوات معلما ومرشد طلابي) عرفت معني الاخلاص في العمل والامانة والحرص والقيم والتضحية من اجل الطالب ، درست مادة العلوم للصف الخامس، وبفضل من الله كل الدفعة الآن اطباء وممرضين ، واليكم بعض المواقف للطالب احمد سبعي في الصف الثالث ، لايشارك في البرنامج الاذاعي ،  وفي يوم اخرجت احمد ليشارك بإنشودة من المقرر ، أنا الفلاح انا النجار ، وبعدها انطلق ، وعلمته الصحافة ، وأذكر أني خصصت لوحة أعلق عليها كل يوم جريدة يتصفحها الطلاب ،

وبعد انتقالي من الحسيني بسنوات قابلت احمد صدفة ولم اعرفه لكنه عرفني وقبلني على رأسي واخذ يثني ويذكر مواقفي معاه ، يقول : انت من علمتني الصحافة والالقاء ومثلت المحافظة في المدينة المنورة وحزت على المركز الاول ، وتخرجت من كلية الاعلام تخصص صحافة ، والأن صحفي واعمل في قسم الاعلام بتعليم صبيا ،

ومازال حتي الأن موقف أخر حيث قابلت أحد طلابي وأيضا ذكرني بموقف احزنني كثيرا وتالمت له ، يقول : في حصة التعبير كلفتنا نكتب عن الماء ثروة ولم اعرف اكتب وضربنتي ، من يومها كرهت التعبير ،

موقف أخر للطالب رائد ابو طالب حيث كنت ادرسهم في يوم علوم في الصف الخامس ، وفي حصة قلت له اتمني أن اراك طبيباً وكان متميزا ، فعلاً حصل حيث مرت السنوات ودخل كلية الطب وبعث لي برسالة ، استاذي الحبيب لقد حققت أمنيتك وأنا الأن في كلية الطب ، والأن رائد دكتور اخصائي في عسير ،

وموقف أخر ، دخلت زوجتي مستشفى صبيا لاجراء عملية قيصرية وكانت تحتاج متبرعين بالدم واحضرتهم ، ولكني فوجئت من فني المختبر الذي اخبرني لا داعي فهناك متبرع قد تبرع والدم جاهز، اردت اعرف من هذا الذي تبرع لي ، فإذا هو فني مختبر واول حروف اسمه (ف-ج) كان طالب درستة في الحسيني ، وشكرته ، فقال لي: أنا رديت لك جماليك معاية ، نسيت أنك كنت كل يوم تعطيني خمسة ريال مصروف وتقول هذه سلف واي وقت معاك رجعها ،

وموقف اخر في الحسيني طالب غاب يومين عن المدرسة فسألت عنه ، وبعد انتهاء الدوام زرته في منزلهم اطمئن عليه وعن سبب غيابه فقال لي استاذ شائع الاستاذ (م-ع) قال لنا أي طالب لابس اهلاوي يغير نصراوى ، وانا ليس عندي غير فانلة واحدة اهلاويه ، وطبعا كان طالب يتيم ، فهونت عليه ، وبعد العصر زرته ، واهديت له طقم كامل ، واخرى لاداعي لذكرها .

وموقف أخر لطالب في الصف السادس وكان متميز وذكي لكن لايحل الواجب المنزلي ، وسألته عن السبب ، فقال : يا أستاذ ارجع من المدرسة أنشر وأرعى بالغنم ، وأرجع المغرب وابويه مريض نفسياً ، وعندنا مشاكل في البيت ، وأنام على سطح الغرفة في الظلام ، طبعا حليت مشكلته وساعدته وجعلته يحل الواجب في الفصل واحيانا اعفيه من الحل وللحدث بقية ،

كلمة أخيرة ورسالة للزملاء من المعلمين

اعلم زميلي الفاضل ...

 إنَّ نجاح المُعلِّم وتميُّزَه

يُقاس بقدر الفائدة والنَّفع الذي يُحقِّقه في طلابه، فلذلك ينبغي على المُعلِّم أن يكون حَرِيصاً على نفع طلابه وإفادتهم في مجال تَخَصُّصه، فلا يبخل عليهم بمعلومة تنفعهم، ولا يتوانى ببذل جَهد يُحَسِّنُ من مُخْرَجات التَّعلِيم والتَّعلُم لديهم.
 
 التَّشجِيعُ المُستَمِرُ للتَّعلُّم:
تختلف الظروفُ الاجتماعية والثَّقافية والمَادية التي يعيشها الطُّلاب، فبعضُهم يَلقون دَعمَاً اجتماعيَّاً ومعنويَّاً وماديَّاً من قِبَلِ أهليهم وذويهم لِمَواصلة التَّعلُم، والبعض الآخر قد لا يلقى ذلك لأسباب متعددة، قد تكون اجتماعيةٌ كانفصال الأبوين أو ضَعف الرَّوابط الأُسرية، أو ثقافيةٌ كجهل الوالدين والبيئة المحيطة، أو ماديَّةٌ كفقر الأُسرة وانشغالها بتأمين لُقمَة العَيْش، ففي مثل هذه الظروف ينبغي على المُعلِّم أن يُمَارس دورَهُ التَّربوي في تشجيع هؤلاء الطُّلاب لمواصلة التعلم، من خلال التَّوجيه والدَّعم المعنوي، أو الماديِّ من خلاله أو من خلال أصحاب الخير والمعروف ،
بِذْرَة الإبداع موجودةٌ كامنةٌ عندَ أكثر الطَّلبة، والفَرق بين الطالب المُبدع وغيره: أنَّ الأوَّل تَوَفَّرَت له الظروفُ المُوَاتية لِنُموِّ إبداعه وظهوره، والآخرُ لم تتوفَّر له هذه الظروف، فلذلك ينبغي على المُعلِّم ـ إن آنسَ من بعض طلابه تميزاً ـ أن يسعى لتنمية إبداعاتِهم ومواهبَهم بالتَّشجيع والتَّواصل المُسْتمر، كما ينبغي عليه أن يُطلِعَ إدارةَ الهيئة التَّعليميَّة التي يعمل لديها على ذلك؛ لتبذلَ ما بوسعها لِرِعَاية هؤلاء الطلبة والاعتناء بهم، مع ضرورة إبلاغ أولياء أمور الطلبة بذلك؛ ليمارِسوا دَوراً إيجابياً فاعلاً في تنميّةِ المَوَاهب والإبداعات عند أبنائهم.
 
 إحسانُ التَّعاملِ مع الطَّلبةِ حسبَ الفئاتِ العُمْرِية:
تَختلف مُتَطلباتُ التَّعاملِ معَ الطَّلبة حسبَ المَرَاحلِ الدِّراسيَّة والفِئات العُمرية التي ينتمون إليها، فكلُّ مرحلة عُمْرِية لها أسلوبٌ يختلف عن غيرها من المراحل؛ وذلك لاختلاف المُقتَضيَاتِ العقليَّة والنَّفسيَّة لكلِّ مَرْحَلة.
 
ولذلك ينبغي على المُعلِّم أن يُتقِنَ التَّعاملَ معَ الطلبة وَفقَ مُتطلباتِ المرحلة العمرية التي ينتمون إليها، وهذا يَستدعي منه أن يكون على علمٍ ودِرَايَةٍ بما يُسمَّى في عِلم التَّربية بـ: (علم نفس الطفولة والمراهقة).
 
الصبرُ على تعليم الطَّلاب وإفهامِهِم:
المُعلِّم مُربٍّ للأجيال فلذلك ينبغي عليه أن يَصبرَ على تعليم الطُّلاب وإفهامهم، ولا يتذمَّرَ من إعادة الشرح والبيان إذا طُلِبَ منه، ولا يُبدِي كذلك انزعاجَهُ إن عَبَّرَ الطَّلبةُ عن عدم فهمِهم، ويّحذّرُ من وصفِهِم بالبَلادة وعدمِ الفَهم، بل عليه أن ينوِّع أساليبَ الشرح ويَتَنَزَّل في أسلوبه حتى يفهمَه الطَّلبةُ، ويستعين بضرب الأمثلة على ذلك.
 
والمُعلِّم النَّاجح هو ذلك الذي يُكَلِّم طلابَه على قَدرِ فهمِهم ومستوى عقولهم، ولا يَطرح عليهم ما لا يستطيعون فهمَهُ؛ لأنَّ ذلك قد ينفِّرُهم من التَّعلُم، أو يُثِيرُ في أنفسهم الإنكارَ لتفاوت المِعيَار، وليس كلُّ ما يُعلم يُقال[2].

للقلوبِ مفاتيحُ، ومن أهم مفاتيحِها التَّواضع ولِينُ الجانب، والقلوبُ مَفطورة على حُبِّ من أحسن إليها، وعلى بُغض من أساء إليها، وعندَما يُحْسِنُ المُعلِّم التَّعامل مع طلابه مُتَحلِّياً بالتَّواضع ولين الجانب فإنَّه بلا شك يدخل إلى قلوبهم بلا استئذان، فيستفيدوا من علمه وأخلاقه معاً.
 
أما إذا كان المُعلِّم مُتَعالياً مُتَرفِّعاً أَنِفَاً، صعبَ المَنَال، فإنَّ نفوسَ الطُّلاب تَنْفُر منه، وبالتالي تَضعُفُ الاستفادة منه مهما كان يملك من العلم والإمكانات[5].
 
 إسداء النصح والإرشاد للطلاب:
لا ينبغي أن يقتصر دورُ المُعلِّم على الجانب المعرفي فحسب، بل عليه أن يمارس دورَهُ في التَّوجيه والإرشاد للأخلاق الفاضلة، والسلوك القويم، وأن يقدِّم النُّصحَ لطلابه فيما ينفعهم في الحال والمآل[6]، كما عليه أن يعالج أخطاء الطُّلاب بالتي هي أحسن، فيتعامل معهم كما يتعامل الأب الشفيق الرَّفيق مع أبنائه، الذين يريد لهم الخير، ويدفع عنهم الشرَّ[7].
 
 بناءُ علاقةٍ إيجابيَّةٍ مع الطُّلاب:
المُعلِّم النَّاجح هو ذاك الذي يبني علاقاتٍ إيجابيَّة مع طلابه، فيبادلُهم المودَّة والاحترام والتَّقدير، سواء كان ذلك داخلَ المؤسَّسة التَّعليميَّة أو خارجَها، ويبذلُ لهم التَّحيَّة والسَّلام إذا التقى بهم؛ لِيكون لهم قدوةً ويعوِّدهم على ذلك، ويكسرَ حاجزَ الخوفِ في نفوسهم، فيباسطُهم في بعض الأحيان؛ ليشعرَهم بقربه منهم، كما يسأل عن أحوالهم، ويعود مريضَهم، ويساهم بمساعدة المُحتاج منهم[8].
 
فإذا ما نجح المُعلِّم بذلك أصبحَ محلَّ ثقةِ الطُّلاب ومحبتِهم، وامتدت تلك العلاقةُ الإيجابيَّةُ لتتجاوزَ سني المراحلِ الدراسيَّة، وتصبحَ علاقةَ صداقةٍ ومودَّة وتواصل لا تنتهي إلى آخر العمر[9].

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
جنب القدة: عندها أبكى، بقلم الكاتب : شائع عداوي

محرر الخبر

احمد دغريري
المدير العام
مدير العلاقات العامة والمتابعة ومدير قناة اليوتيوب للشبكة

شارك وارسل تعليق