تقرير خاص اعداد
الإعلامية / مرفت محمود طيب
سأبدأ بتعريف الطفولة : الطفولة هي مرحلةٌ من مراحلِ الكائنِ البشريِّ تمتدُّ منذُ ولادتِه حتَّى بلوغِه سنَّ الرشد، وتتميَّزُ بخصائِصَ مهمَّة أبرزها ظهورِ شخصيَّته المستقلَّة وبنائه الفكري والسلوكي والنفسي.
وتستلزمُ هذه المرحلة رعايةً خاصَّةً واهتماماً بليغاً من قِبَل الأسرةِ والبيئة الحاضنة للطفلِ، إذ هي مرحلةٌ حسَّاسةٌ تَتشكل فيها سُلوكات الطفل وانفعالاته لتكوِّنَ البناءَ القويم المتماسك لشخصيَّته، لينشأ بذلك إنساناً سويَّ البُنيةِ والتركيب الاجتماعيّ والنَّفسيّ.
هناك بعض الآباء يلجئون للعنف ضد أبنائهم إعتقاداً منهم أنها الطريقة الأفضل لتقويم الأبناء ، وهم مخطئون كل الخطأ في هذا الإعتقاد .
فالعنف يعتبر ظاهرةً مهدِّدة لأمن الأبناء وسلامتهم، إذ إنَّهُ سُلوك خفيٌّ غير معلنٍ أو مصرح به، ويشهدُ الأبناء ممارساتٍ مؤذية تنتهكُ حقوقهم النفسيَّة أو الجسديَّة وحتى الجنسيَّة، والعنف سلوكٌ قديمٌ وظاهرة تاريخيَّة يتسبّب بمشاكل عديدةٍ للأبناء الذين يتعرَّضون له أو يعانون من تبعاته، ويستمرُّ تأثيره عادةً إلى مراحلَ مختلفة من حياة الطِّفل، فيؤثِّرُ في بنيته وتكوينه ومسالكه وانطباعاته وتفاعلاته، كما أنه يُحفظُ أحياناً كثيرةً في ذاكرة الطِّفلِ ليبقى راسخاً في ذهنه مدى الحياة، فيسبِّبُ بذلك مشاكلَ عديدة تتعدَّى مرحلة الطفولة إلى مراحل متقدِّمة من العمر، ومن ذلك ما يعانيهِ الطفلُ المعنَّفُ من اكتئابٍ وأزماتٍ نفسيَّة.
يُقصد بالعنف الأسري الموجَّه ضد الأطفال بأنَّه مُجملُ السلوكاتِ والنَّشاطاتِ المهدِّدة لأمن الطِّفل واستقراره النَّفسي والجسدي، أو استخدام القوة وإلحاق الأذى النفسي أو البدني فيه داخل الوسط الأسري من قِبل أبويه أو أحد القائمين على رعايته، ويشمل ذلك جميع أشكال الضَّربِ المُبرح، أو الضرب المقصودِ، أو العقاب الجسدي، أو استمرار السخرية والإهانة والاستهزاء بحقِّه، أو الإهمالِ والتَّقصير في رعايتِه وتوفيرِ مُستلزماتِه الصحية والنفسية والاجتماعية والجسميَّة، أو استغلالِه في أعمالٍ تفوق طاقته.
ومن أنواع العنف ضد الأطفال
- الإيذاء البدني:
وهو أحد أشكال العنف الناتجة عن سلوك متعمَّدٍ يُمارسه أحد الأبوينِ داخل الأسرة أو كلاهما، أو أحد الأفراد المحيطين بالطفل داخل الوسط الأسري، وينتج عن هذا السلوك عادةً إلحاق الأذى الجسدي، أو الضرر البدني بالطفل بصورةٍ مباشرةٍ كالضرب، أو التسميم، أو الحرق، أو الربط، أو الحبس، أو التسبُّب بالألم، وقد يحدث الأذى البدني للطفل بصورة غير مباشرةٍ؛ كمنعِ العلاجِ عن الطفل، أو عدم تأمينه له، أو منع الطَّعام عنه، أو عدمِ إعطائه كفايته منه، أو التهاونِ في منعِ الأذى من الوصول إليه.
_الإيذاء النفسي:
ويتضمَّنُ الأذى النفسي الموجَّه نحو الطفلِ جميعَ أنماط السلوكاتِ المتعمَّدة التي يُمارسها الآباءُ أو أفرادُ الأسرةِ أو المحيطين فيها على الأطفال في الأسرة، أو أحدهم، فتُسبِب الألم النفسيَّ أو الضرر في صحة الطفل النفسيَّة، وتتعدَّدُ أنماط الأذى النفسي التي قد يواجهها الطفلُ داخل أسرته؛ كالتهديد، والتخويفِ، والتَّحقيرِ، والنَّبذِ، والإيذاءِ اللفظيّ، والسُّخرية، والإهمال، وتُمثِّل سلوكاتُ التمييز والتفرقة والتفضيل بين الأطفالِ داخل الأسرةِ إحدى صور الإيذاء النفسي، إضافةً إلى الحرمانِ من العطف، أو عدمِ إظهار المحبَّة والحنانِ، أو المُطالبةِ بِمهامٍ غير واقعيَّة، أو يصعبُ على الطفل القيام بها.
_ الإيذاء الجنسي:
ويتمثَّل الإيذاء الجنسي للطفلِ في استغلالِه الجنسيِّ الفعلي أو المحتمل من قِبلِ أحد أفرادِ الأسرةِ بغرضِ تحقيقِ الإشباعِ الجنسيِّ من خلالِ الطِّفل، ويكونُ ذلك بالاتصالِ الجنسيِّ القسري أو من خلال التحايل عليه من قِبل أشخاصٍ يكبرونه سِنَّاً.
وللعنف الأسري ضد الأطفال آثار النَّفسيَّةُ والبدنيَّة والاجتماعيَّة والانفعاليَّة بصورةٍ واضحةٍ في مستقبل الأطفال المعنَّفينَ، وبنسبٍ ودرجاتٍ متفاوتة تعتمد على المرحلة النمائيَّة التي تعرَّض الطفل للعنفِ خلالها، وعلى طبيعة العنفِ الذي واجههُ الطفل ونوعه.
من هنا ومن هذا المنطلق سنسأل أهل الإختصاص عن الآثار النفسية والإجتماعية لهذا العنف على الطفل وكيف نحد منه ، وسنعرف رأي القانون تجاه الآباء الذين يعنفون أبنائهم بقصد التأديب وخلافه وماهي العقوبة التي تنتظرهم ، من خلال هذا التحقيق الصحفي .
* الآثار النفسية :
ستتحدث عنها
الأستاذة : فاطمة ياسين
أخصائية نفسية
بدأت الأستاذة فاطمة حديثها قائلةً : هناك آثاراً عديدةً ناتجةً عن العنفِ الذي يتعرَّض له الأطفال، منها:
_يُسبب العنف فقدان الثقة بالنفس لدى الطفل، وبالتالي يتكوّن لديه شعور بالخوف، والتردد في القيام بأي عمل. _ ينعكس العنف الذي يتعرض له الطفل داخل المنزل على سلوكياته وتصرّفاته خارج المنزل، وخصوصاً في المدرسة أو الشارع، ويقوم بتفريغ هذا العنف من خلال سلوكيّات سيّئة وطباعاتِ غير مرغوبة.
_ يؤدي العنف الذي يتعرَّض إليه الأطفالُ إلى تشبُّعهم فيه، وتداوله كأوَّل حل للمشكلاتِ التي تواجههم في حياتهم العمليَّة، كما يُعزِّزُ نوبات الغضب لديهم.
_ العنف الأسري أيضاً يؤدي إلى زيادة شعور الطفل بالإحباط، وضعف في شخصيته، وبالتالي يؤثر سلباً في إنجازاته وحياته المستقبلية وجميع مناحي الحياة.
_ قد يسبب العنف في صناعة الشخصيَّة المتمرِّدةِ للطِّفل، التي تمثل رفضه غير المبرر لأي قرار أو رأيٍ دون إبداء الأسباب أو الحلول البديلة، وقد تنعكس هذه الشخصيَّةُ على واقعه الحياتي عند تقدُّمه في العمر.
تطرقت الأستاذة فاطمة إلى طرق الحد من العنف الأسري ضد الأطفال ، فقالت : يمكن التقليل من العنف الأسري ضد الأطفال من خلال:
_ نشر أضرار ومخاطر العنف الموجّه تجاه الأطفال وأشكاله وأنواعه.
_وتوعية الأسرة من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات المجتمعيّة؛ كالمؤسسات التعليميّة، والمساجد، ودور الشباب.
_تشريع القوانين والأحكام الخاصّة بالأطفال المتعرّضين للعنف بأشكاله وضمان حقوقهم.
_المتابعة المستمرة للأطفال الذين تعرضوا للعنف، وتقديم الدعم النفسي من خلال برامج الإرشاد النفسي في المؤسسات التعليميّة، وخلال جميع المراحل.
_تنظيم الجلسات التوعويّة، والدورات التأهيليّة للأسرة وأولياء الأمور؛ لشرح مخاطر ممارسة العنف تجاه الأطفال وأشكاله، بالإضافة إلى ذكر أهم طرق وأساليب التنشئة الأسريّة السليمة. _مجابهة ظاهرة العمل للأطفال دون سن العمل القانونيّ واستغلالهم من قبل جميع المؤسسات المجتمعيّة والأهالي وأصحاب العمل.
_تقديم الدعم والمساندة الاجتماعيّة بجميع أشكالها وبأقصى درجاتها تجاه الأطفال المتعرَّضين للاعتداء والعنف الجنسي، نظراً لشدة تأثير الأضرار التي تُصيب نفسية الطفل واتجاهاته ومستقبله.
* الآثار الإجتماعية :
فستلقي الضوء عليها
الأستاذة : نهى صالح
تخصص : خدمة إجتماعية
إستهلت الأستاذة نهى حديثها عن العنف ضد الأطفال بقولها :
يعتبر بعض الآباء أن أسهل الحلول هي التعنيف رغم التحذيرات من سوء النتائج .
* أما عن الآثار الاجتماعية للعنف، فقالت :
تعتبر هذه الآثار من أشد ما يتركه العنف على الإبن ولا نبالغ إذا ما قلنا أنها الأخطر والأبرز.
ويمكن إبراز أهم واخطر هذه الآثار بما يلي:
- الإنطواء
- التفكك الأسري.
- سوء واضطراب في تكوين العلاقات مع الآخرين .
- هروب وتسرب الأبناء من المدارس.
- عدم التمكن من التحصيل الدراسي تكون تنشئتهم تنشئة غير متوازنة إجتماعياً،
- جنوح أبناء الأسرة التي يسودها العنف.
- العدوانية والعنف لدى أبناء الأسرة التي يسودها العنف.
- يحول العنف الاجتماعي ضد الأبناء عن تنظيم الأسرة بطريقة علمية سليمة.
وأختتمت حديثها بقولها :
لذا على الآباء أن يحذروا من إستخدام أسلوب العنف ضد الأبناء فهو لا يعدل السلوك بل على العكس فهو ينتج سلوكيات سلبية نحن في غنى عنها .
* أما الشق القانوني وماهي عقوبة الآباء الذين يعنفون أبنائهم سنتعرف عليها سوياً مع :
الأستاذ: بندر العكشان
محامي ومستشار قانوني
بدأ الاستاذ بندر حديثه قائلاً :
العنف الاسري هو نتيجة لسوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة في تعاملها فالذين يكونون ضحية لعنف أسري في صغرهم في الغالب سوف يمارسون العنف على أسرهم مستقبلاً، فالعنف سلوك مكتسب يتعلمه الفرد خلال نشأته.
أيضاً تطرق العكشان إلى أسباب العنف فقال :
وللعنف الاسري عدة اسباب :
- مثل اضطراب العلاقة بين الزوجين ، تعاطي المخدرات ، الامراض النفسية ، ظروف المعيشة من فقر وبطالة وضغط نفسي وإحباط ، غياب ثقافة الحوار داخل الأسرة.
أضاف العكشان : والعنف الاسري قد يكون جسدي وهو أكثر انواع العنف الاسري شيوعا حيث يتعرض الشخص للضرب بمختلف أنواعه أو يتم تعريضه لعوامل معينة تؤثر سلبياً على صحة جسده ، وقد يكون نفسي مثل ايذاء الشخص بالتوبيخ والاستهزاء به او وصفه بطريقة سيئة ، أو إحراجه أمام الأخرين.
واستطرد بندر : ولكن في ظل وجود حكومتنا الرشيدة قد صدر نظام للحماية من الإيذاء عام 1434 هـ وجاء هذا النظام لحماية كل شخص يتعرض للإيذاء وتم تعريف الايذاء بالمادة الاولى من النظام بأنه :
_ ( كل شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، بما عليه من ولاية أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم).
_ وأوضحت المادة الثالثة من نظام الحماية من الإيذاء الجهات المختصة لإستقبال حالات الإيذاء وهي :
1- وزارة الشؤون الاجتماعية.
2- مراكز الشرطة.
ولكل من يتعرض للعنف الأسري هناك رقم مجاني مخصص لمثل هذه الحالات (1919)
كما أنه لا يجوز الافصاح عن هوية المبلغ عن حالة الإيذاء إلا برضاه أو في الحالات التي تحددها اللوائح التنفيذية.
وقرر نظام الحماية من الإيذاء عقوبات لكل من يعنف أسرته او يقوم بإيذاء من له سلطة عليهم حيث نصت المادة الثالثة عشر من النظام
(بغير إخلال بأي عقوبة أشد وردت في الشريعة الإسلامية أو بأحد الأنظمة المرعية، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد عن خمسين ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلاً شكّل جريمة من أفعال الإيذاء الواردة في المادة الأولى من هذا النظام، وفي حالة العود تضاعف العقوبة وللمحكمة إصدار عقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية)
كما أنه يتم غالباً إصدار حكم قضائي بنزع وفسخ الولاية حينما يثبت الضرر وعدم الأهلية، فالولاية على أهميتها وقيمتها تبقى ضمن ضوابط وشروط، ومن لا يستشعر قيمة أبوته أو أخوته أو يؤدي مسؤوليته على غير الوجه المطلوب لا يستحق أن يكون ولياً.
وفي حال قام الاب بتعنيف احد الابناء وتسبب بقتله فهنا يُنظر الى هذه الجريمة من عدة جوانب
_ اولا :
إذا كان المقتول صغير بالسن فهنا يُقتل الأب تعزيراً نظراً لبشاعة الجريمة وللمصلحة العامة ولعدم تكرار هذه الظاهرة ولكي لا يستهان بها بين الآباء بِأن يتمردون بإراقة الدماء او اذا كان للمقتول إخوه يُخشى عليهم من القتل والتعذيب كما حدث لأخيهم او وجود سوابق جنائية للأب فهنا قد يحكم القاضي على الأب بالقتل تعزيراً.
ثانياً :
_ قد يحكم القاضي على الأب بالسجن بدلاً من القتل تعزيراً.
كل ذلك يرجع الى تقدير القاضي وإلى حال الأب والعوامل الخارجية المتداخلة على الجريمة.
وأختم مشاركته بقوله :
خير البشر نبينا محمد صل الله عليه وسلم، حيث قال عليه السلام
((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)).
هذا الحديث دليل على محاسن الإسلام التي جاء بها ومنها أنه جعل الإحسان إلى الأهل والزوجة والأبناء من أفضل الأعمال وفاعلها يكون من خيرة الناس.