بوابة صدى الحجاز الإلكترونية 

السبت, 26 يونيو 2021 01:14 صباحًا 4 468 0
النَزُوع ..
النَزُوع ..

النَزُوع ..


الكاتب /د - صلاح عبدالله العرابي

 

تلعثم بصوت قديم وهو يحمل نايه التائه مابين فجرٍ فيه بقايا حنين ومساءٍ يتوارى خلف غيم حزين فقد أبصر في ذهولٍ ما ارتدته تلك البراعم الغضَّة من كساءٍ ناعسٍ أخضر يمتد بشوقٍ كي يبحر من خلال أوشحة الضباب اليانع الذائب بين خطوات الندى ونغمات تلك القطرات الخجولة من أهداب ذلك الرذاذ المُنتشي الباسم في ثغر الدُجى وبسمة المدى.أبحر قريباً من ارتعادة دربه والصَّب لازال كما كان يختلج بين أنفاس موجه برائحة البنفسج وهي تختال مابين فوح الرؤى وجميل الأمنيات التي تروي ظمأ النبض الصامت وثرثرة الصدى. فلقد مضت الرائحة العطرة إلى تلك التلال البعيدة. لم يهذر حينها فقد كان ناهِلاً لغيمة تسحر الزهور الأرجوانية وصَبْوةٍ يموج بدفئها ليأمن المد البخيل فالأمواج  في الساحل القريب تتلكأ بالجزر العميق والطويل والقلب يتدفق منه الهوى وذاكرة السكون تنثر ماتبقى من الكلأ الرشيق على الوجد. صورة شامسة شامخة أسعدت مايجول في خاطره وهو بعد لم تتكىء عيناه على شرفات الفلق بل كادت دفء أساريره أن تغيب برفقٍ لتذيب همس الغسق. ألوان عده انبهرت بها جدائل الدهشة وهو بعد لم يغادر مداد أحلامه ربما وهو في تلك الشرفة وأقزام الشجر يراها تحت يراعه ليس فقط ماقد شدَّه إليها أو عنها بشرٌ يترجلون ليجدوا متسعاً لمناخ وهمهم وآخرين استهوتهم تلك الأحجار الصماء المحاطة بسوارٍ من الهدوء في محفل الشفق. فعندما التفت إلى ذلك اللون الباهر لم يراه بل فرَّ بإباء إلى عذوبة مياه تلك القرية النائمة في أحضان الوله الخافق والحسن العاشق والتي لفها ارتجافة الهواء ليزهو على من يعتقد بأنه متألق ونيِّر. قد يكون محقاً في ذلك فقد خلَّف وراءه ولكل بواسق النخل اتكاءة ضوء وانشودة أمل يراها كل من كان محلقاً بأنظار السماء. ألوان هبطت بعد رحيله كأنها زبرجد غاضب خارج من حدود تلك الزوايا العاصفة ليتميز بها وبندرة فائقة عن كل ياقوت من حظيت به يد بعض البشر. زبرجد يشهق بالتموج ويزفر بالفرح لتغرد الحياة بسنابل الفجر حين يغشاها الرجاء القشيب. لقد أمعن فيها فقط من كان يحدق في ملمح السَّجية بلآلىءبيضاء ُتُطَوِّق خاصرة الأرض بطين البشر بعيداً عن معطيات كل من تراهم يرتشفون بتشدق غمزاتهم الدامسة داخل اطر تلك الظلال الباهته والتي تكون ايقاعاتها هامدة لاتستطيع الذاكرة أن تستيقظ من سباتها لكي تُضيء الشموع الواعدة فعندما يرحل السكون عن الألوان المطمئنة تغادر الفرحة لتقابل في انكسارٍ تلك الألوان الداكنة والتي يتجلى على غفوتها القناديل الشاحبة في صمت الفراغ والراكضة بطيفها المحتضر على بقايا سراب الهمسِ. وذبول النفسِ وهي خامدة في الرمسِ وتلك ياصديقي الإنسان خُطاهم بين اليوم والأمسِ. بين صوتهم الخافت ومضاجع اليأسِ .

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر

محرر الخبر

غاليه الحربي
المدير العام
عضو مجلس الادارة ، أديبة وكاتبة

شارك وارسل تعليق